Showing posts with label تاريخ موسيقى. Show all posts
Showing posts with label تاريخ موسيقى. Show all posts

مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية - رقصة الحبايب

موسيقى رقصة الحبايب
محمد عبد الوهاب
مقام بياتي النوا 1939

الوصف العام
1. أول انطباع لهذه الموسيقى أنها إجمالا ذات طابع "قديم" نسبيا في عام 1939 مقارنة بما قدمه عبد الوهاب قبلها من موسيقى وألحان، ويتولد هذاالانطباع مع أول نغمات المقطوعة، ويعود ذلك إلى الجمل اللحنية التقليدية وأداء التخت التقليدي. يتأكد هذا الانطباع مع الاستماع إلى جمل تستخدم عادة في الطقاطيق الخفيفة التي انتشرت في العشرينات وأوائل الثلاثينات وفي ردود الأدوار القديمة  
2. ولكن رغم هذا يترك عبد الوهاب بصمته المميزة في صياغة الجمل ويستخدم الموسيقى الشعبية للتعبير عن عنوان المقطوعة
3. تظهر حرية أكثر في استخدام الإيقاعات والمقامات مقارنة بالمقطوعات أحادية المقام أو الإيقاع خاصة في النصف الثاني من المقطوعة
التكوين الفني
تتألف الموسيقى من 4 أجزاء
المقطع الأول
يتكون من 3 حركات ميلودية على إيقاع رباعي جميعها على مقام واحد هو بياتي النوا تقدمها الفرقة مجتمعة
المقطع الثاني
1. يعرض موسيقى تشبه في تكوينها قالب التحميلة القديم المعتمد على استعراض الأداء المنفرد لآلات مختلفة هي العود والكمان على نفس الإيقاع، إلا أن الفرقة هنا لا تتدخل بين الآلات.
2. العود : فاصل منفرد – بياتي النوا
3. الكمان: فاصل منفرد – بياتي النوا

المقطع الثالث
1. يتسيد القانون العرض الموسيقي ويقود الفرقة في سلسلة تحولات مقامية وإيقاعية
2. تبدأ الموسيقى مع أنغام القانون بإيقاع رباعي أسرع على مقام النهاوند من درجة الكردان
3. يتحول المقام من النهاوند إلى الراست
4. رد من الفرقة من مقام الراست
5. يتسارع الإيقاع الرباعي إلى الثنائي الملفوف
6. يختتم عرض القانون هذا الجزء بمقام حجاز النوا بمشاركة الكمان

المقطع الرابع - الختــام
1. يتحول الإيقاع من الثنائي إلى الدارج الثلاثي
2. أداء جماعي للحن جديد من مقام حجاز النوا
3. تنتهي الموسيقى في مقام حجاز النوا دون العودة إلى مقام البداية

خصائص
1. لا يوجد تسليم في هذه الموسيقى بمعنى أنه لا يوجد تكرار لأي مقطع
2. اختزال فكرة التسليم من قالب التحميلة في الجزء الثاني بتتابع الأداء المنفرد للآلات دون رد من الفرقة
3. استخدام تيمات مستمدة من الفولكلور الشعبي في بناء ذروة لحنية بإيقاع ثنائي متسارع قبيل النهاية
4. التنوع الإيقاعي والمقامي
5. الختام في مقام مختلف عن مقام البداية

التعبير
1. الإيقاع
تشير كلمة "رقصة" في العنوان إلى موسيقى راقصة، وبينما يمكن أن تعتمد الرقصات على أزمنة مختلفة، على إيقاع رباعي كما في التانجو والرومبا أو ثلاثي كما في الفالس، تحدد كلمة "الحبايب" الإيقاع المقصود بمدلول الكلمة الشعبي حيث أنها كلمة دارجة تدل على وسط معين وذوق معين هو الموجود في الأفراح الشعبية، ولذا جاءت إيقاعات المقطوعة في هذا السياق سواء كانت رباعية أو ثنائية، وتأكد اللون الشعبي باستخدام إيقاع "الملفوف" في ذورة اللحن بتسارع النغمات إلى درجة تثير الرغبة في الرقص لدى السامع، إلا أن الموسيقى قد خرجت من هذا السياق في الختام مع إيقاع "الدارج" الثلاثي

2. الجمل اللحنية والختام
يشير استخدام التيمات الشعبية في الجمل اللحنية مباشرة إلى عنوان المناسبة. ورغم تقليدية الجمل في معظم أجزاء المقطوعة تأتي جملة الختام غنائية عاطفية ومن مقام له طابع عاطفي هو مقام الحجاز، وتشبه النهاية كثيرا التمهيد للغناء، وهو عنصر أساسي في المناسبات الشعبية لا تكتمل بدونه.
تتوقف الموسيقى عند هذا الحد دون الدخول في الغناء لكنها تكون قد تركت الأثر المطلوب وهو بداية جو غنائي يوحي بالمناسبة. في مقطوعت أخرى لعبد الوهاب نستمع إلى جمل قوية في الختام تنهي المقطوعة إنهاء قاطعا لا يمكن تصور الغناء بعده، بل يمكنك أن تسمع في إحدى المقطوعات ختاما يشبه ختام السيمفونيات الحاد.
وبالمناسبة تذكرنا الجملة الأخيرة من لحن الختام هنا بجملة مشابهة لعبد الوهاب بعدها بنحو 25 عاما في موسيقى الكوبليه الأخير من أغنية "إنت الحب" لأم كلثوم رغم اختلاف الإيقاع. د.أسامة عفيفي، مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية

ذكرى ميلاد الفنان محمد عفيفي 2017

يقيم قصر التذوق بالإسكندرية أمسية فنية في ذكرى ميلاد الموسيقار السكندري محمد عفيفي الثلاثاء 28 مارس 2017 يحضرها جمع من الفنانين والشعراء والشخصيات العامة وفاء لذكرى الفنان رائد الحركة الفنية بالإسكندرية منذ ثلاثينات القرن العشرين وحتى رحيله عام 2003

ولد الفنان محمد عفيفي عام 1913 وعاصر سيد درويش وربطته صداقات فنية بزكريا أحمد ومحمد عبد الوهاب وكان من أوائل من سجلوا ألحانهم لإذاعة القاهرة عام 1938 التي قدم لها أكثر من 40 عملا فنيا بين الأغنية والأوبريت. لحن محمد عفيفي لكثير من المطربين والمطربات منهم مطربة القطرين فتحية أحمد التي غنت له 7 ألحان. ثم بدأ يقدم ألحانه لإذاعة الإسكندرية منذ إنشائها عام 1954 وقدم من خلالها العديد من الأصوات الجديدة
مشتاق يا رسول الله - غناء سمير سلام
كلمات محمد مكيوي - ألحان محمد عفيفي
لم يشأ محمد عفيفي مغادرة مدينته الإسكندرية إلى القاهرة كما غادرها الفنانون سلامة حجازي وكامل الخلعي وسيد درويش وصديقه محمود الشريف وضحى بالأضواء والشهرة لارتباط بعمله بالقوات المسلحة المصرية وبأسرته، وكان على حد قوله لا يطيق الحياة بالعاصمة فقد ظل لمدة 15 عاما يذهب لتسجيل ألحانه بإذاعة القاهرة ويعود في نفس اليوم، وكان يرفض عروض التلحين للسينما لأنها كانت تتطلب الإقامة بالقاهرة شهرين أو ثلاثة لكل عمل، واعتذر عن قيادة فرقة الموسيقى العربية بعد وفاة عبد الحليم نويرة لنفس الأسباب
كورال سيد درويش
يذكر للفنان محمد عفيفي بجانب ألحانه اهتمامه الخاص بحفظ ونشر تراث سيد درويش وزكريا أحمد وتدريب أجيال من الفنانين في مراحل مختلفة 
عين محمد عفيفي أستاذا للموسيقى الشرقية وآلة العود بمعهد الموسيقى العربية بالإسكندرية عام 1944 واستمر به عشرين عاما، وانتدب للتدريس بالجامعة الشعبية عام 1946 وامتد انتدابه لهيئة قصور الثقافة 45 عاما حتى عام 1990. 
تخرج على يديه فنانون كثيرون، منهم كمال الطويل، وأنشا لأول مرة بالإسكندرية كورال سيد درويش لغناء التراث عام 1967 الذي استمر نحو 25 عاما.
جميل يا ليل - غناء أسامة رؤوف 
كلمات فوزي السعداوي - ألحان محمد عفيفي 
استمر عطاء محمد عفيفي في التسعينات فأشرف على الشعبة الغنائية لفرقة الإسكندرية للفنون الشعبية من 1991 حتى 1998، وأثناء ذلك طلب منه قائد الفرقة الفنان علي الجندي تسجيل تراث سيد درويش بصوته فسجل نحو 40 لحنا تم نشرها على موقعه
ثم قدم عدة برامج للتلفزيون حول فنون التراث وكان آخر عمل له حلقة خاصة بعنوان "ذاكرة التاريخ" عام 2002 دارت حول مشواره الفني ورحلته مع الفن التي استمرت أكثر من 70 عاما تم تكريمه خلالها في مناسبات عديدة حتى نال أكثر من 50 جائزة تقديرا لعطائه ووفائه لتراث مصر الفني 

جائزة محمد عفيفي 
أعلنت جمعية الموسيقار محمد عفيفي عن جائزة باسم الفنان تقدم تقديرا لرموز الحركة الفنية في الإسكندرية كل عام، ونالها في العام الماضي الأستاذ محمد غنيم مدير الثقافة الجماهيرية وكيل وزارة الثقافة الأسبق كما نالها الفنان نادر زغلول الذي غنى من ألحان محمد عفيفي أغنية بعنوان "افتحوا الأبواب" عام 1996 
برنامج ذاكرة التاريخ - محمد عفيفي - الإذاعة والتليفزيون 14 ديسمبر 2002
روابط  
موقع الموسيقار محمد عفيفي 
قناة محمد عفيفي - يوتيوب

42 عاما بعد رحيل أم كلثوم

ما زال فن أم كلثوم على يتربع على قمة الغناء العربي بعد مرور 42 عاما على رحيل كوكب الشرق، وبالإضافة إلى تقدير الجماهير أصبح النموذج القياسي في الصوت والأداء الذي يمنح تأشيرة المستقبل للأصوات الجديدة. 
بعد هذه السنين الطوال لا تخلو مسابقة أو مهرجان من أغنيات أم كلثوم، فإذا أحسنت المطربة الجديدة أداءها، وأحيانا المطرب الجديد، جاز لها الاستمرار وتقديم الجديد.
بالطبع لا يرجع نجاح أم كلثوم إلى صوتها وأدائها فقط، فهي قد استندت إلى فكر وخيال شعراء وفنانين أبدعوا أفضل الكلمات والألحان في مسيرة الموسيقى العربية. 
ولو اختارت أم كلثوم غير الذي قدمته من قصائد وأغنيات لما كانت لتحقق شيئا يذكر من مجدها الفني، إذ لا يذكر اسم أم كلثوم دون تذكر قصيدة أو أغنية من مئات الأعمال التي قدمتها أو ذكر أحد الأسماء الكبرى التي كانت وراء إبداعها. تُذكر ولد الهدى وسلوا قلبي فيذكر أحمد شوقي والسنباطي، تذكر الأطلال فيذكر السنباطي وإبراهيم ناجي، وتستدعي رباعيات الخيام وسهران لوحدي وشمس الأصيل اسم أحمد رامي والسنباطي، كما تذكرنا إنت عمري وأمل حياتي بأحمد شفيق كامل ومحمد عبد الوهاب وهكذا ..

كانت أم كلثوم تغني في عصر اتسم بجودة الكلمة واللحن، وكان الجمهور الحكم النهائي كالعادة، كما كان الزمن مقياس الثبات والبقاء. وفي أيام شرائط الكاسيت سهلة المسح والتسجيل اعتاد الناس تسجيل الأعمال الجديدة على شرائط لأعمال أقدم يتم محوها، لكن ذلك لم يكن يحدث مع أعمال أم كلثوم التي تشعر الإنسان بأنه يمتلك كنزا لا يجب أن يفرط فيه

بدأت أم كلثوم الغناء عام 1924 وكان عمرها عشرين عاما، واستمرت تغني باقتدار حتى عام 1973 أي حتى بلوغها السبعين! وغنت أم كلثوم إنت عمري وعمرها ستون عاما وغنت الأطلال بعدها بعامين .. غيرت السنين في صوت أم كلثوم لكنها أضافت إلى أدائها وزادته تعبيرا وبهاء، فأحبها الجمهور في شبابها وفي كبرها، وما زال صوتها في القمة حتى الآن يسمعه الملايين في الشرق العربي بكل حب وإعزاز

كلاسيكيات الموسيقى العربية في حلقات على يوتيوب

بدأت نشر سلسلة حلقات بعنوان كلاسيكيات الموسيقى العربية تضم المواد المنشورة على شبكة الكلاسيكيات منذ عام 2004 مسجلة بالصوت والصورة على يوتيوب
يقدم الحلقات الدكتور أسامة عفيفي مدير تحرير الشبكة بصوته وتتضمن استعراض الملامح الفنية والتاريخية للموسيقى العربية المعاصرة وعرض أهم أعمال الفنانين العرب في العصر الحديث 

 كلاسيكيات الموسيقى العربية - حلقات يوتيوب

بينما تخاطب الحلقات الجمهور العام وهواة الموسيقى تشتمل بعض حلقاتها على موضوعات فنية مثل النقد الفني والتحليل الموسيقي لبعض الأعمال
تم نشر أول حلقة أمس 25 أكتوبر 2016

الهدف من نشر الحلقات كما يقول د. أسامة هو نشر الثقافة الموسيقية وتوصيلها إلى جمهور كبير لا يجد وقتا للقراءة ويفضل السماع والمشاهدة.
تقول إحصائيات جوجل أن عدد مشاهدات شبكة كلاسيكيات الموسيقى العربية قد تجاوز 4 ملايين مشاهدة، ومن المتوقع زيادة هذا العدد مع بدء نشر الحلقات 
يشارك في تحرير المواد الفنية نحو عشرة كتاب وفنانين من مختلف الدول العربية، قد يشارك بعضهم في تقديم الحلقات الجديدة 
روابط 
كلاسيكيات الموسيقى العربية 
كلاسيكيات الموسيقى العربية - جوجل 
أجمل موسيقى عربية

الإسكندرية تحيي ذكرى سيد درويش 2016

رحل فنان الشعب خالد الذكر سيد درويش عن الدنيا في 15 سبتمبر 1923 لكن تأثير فنه ما زال باقيا للآن بعد نحو قرن من الزمان. قليل من الناس من يترك تأثيرا حيا ينبض كل يوم لهذه الفترة من الزمن، وبفضل فنه كتب اسم سيد درويش في قوائم الخالدين. الحقيقة الأعجب أن صاحب كل هذا الصخب الفني والوطني والمجتمعي قد توفي عن 31 عاما لا غير.
ذكرى سيد درويش - سبتمبر 2016
بعد رحيله بعام واحد نظم صديق عمره بيرم التونسي قصيدة يرثيه فيها عندما علم بوفاته وكان وقتها بمنفاه في تونس. وبعدها بعامين رثاه الأديب عباس العقاد في قصيدة طويلة ذكر الناس فيها بأنهم قد خسروا موهبة كبيرة كانت تحيا بينهم، كما رثاه أمير الشعراء أحمد شوقي في قصيدة أخرى .. وكما تذكر الأدباء والشعراء الفنان الموهوب وأحسوا بهول ما أصاب الوطن برحيله المفاجيء، تذكر عامة الناس فنانهم الكبير الذي عبر عنهم وعن همومهم وآمالهم وكأنه أنطق كل منهم بأغنية من ثوبه.

وبعد أكثر من 90 عاما على رحيله تحتفي الإسكندرية هذا الشهر بذكرى وفاة سيد درويش في أمسية ثقافية فنية يقيمها قصر التذوق مساء 29 سبتمبر برعاية هيئة قصور الثقافة وجمعية الموسيقار محمد عفيفي، ومديرة القصر داليا شوشة. 

يدير الندوة المؤلف الموسيقي الدكتور أسامة عفيفي ويقدم برنامجا خاصا عن سيد درويش يعرض فيه كيف كان الفن قبل سيد درويش ثم كيف أصبح بعده. ويعرض البرنامج نماذج من الألحان القديمة ونماذج من ألحان سيد درويش الأصلية بالإضافة إلى ألحان مطورة له بعد إضافة التوزيع الهارموني الذي يظهر كيف أن تلك الألحان البسيطة في تركيبها تحمل في طياتها أبعادا كبيرة تثبت قابليتها للأداء الأوركسترالي. 
 
يشارك في الندوة
ضيف الشرف دكتور مهندس حسن البحر درويش حفيد فنان الشعب، نجما الإذاعة والتليفزيون الفنان نادر زغلول والفنان عمر محمود، الفنان مدحت بسيوني قائد فرقة الإسكندرية للموسيقى العربية، الدكتور أبو الحسن سلام أستاذ المسرح بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، الأستاذ محمد غنيم وكيل وزارة الثقافة ومدير ثقافة الإسكندرية الأسبق، الإعلامي ممدوح المنشاوي، والإعلامية محاسن متولي كبير مقدمي البرامج بإذاعة الإسكندرية.
 https://www.iradeo.com/station/105042
ولد سيد درويش في الإسكندرية عام 1892 وبدأ مشواره الفني مبكرا، تحديدا في عام 1914 وكان عمره 22 عاما، لكن لم يسمع به كافة الناس إلا عندما غادر الإسكندرية إلى القاهرة عام 1917 وعمره 25 عاما ليبدأ مسيرته الاحترافية خاصة في تلحين روايات المسرح الغنائي. وكان الشيخ سلامة حجازي رائد المسرح الغنائي هو من دفعه دفعا إلى ارتياد ذلك المجال الخطير، إيمانا منه بموهبة الشيخ سيد وقدرته على التجديد.
كان المسرح الغنائي قائما ومزدهرا على أيدي الشيخ سلامة وكامل الخلعي وداود حسني فما الذي أحدثه سيد درويش؟
أدخل سيد درويش شيئا جديدا ليس على الغناء المسرحي فقط بل على الموسيقى العربية بأسرها، وفي كلمتين يوصف ما أحدثه بأنه التعبير عن الموضوع والكلمات باللحن والموسيقى.
كان التلحين قبل سيد درويش يسير على قواعد صارمة لا يخرج عنها أي فنان، تتلخص في وضع الكلمات في قوالب موسيقية ولحنية ثابتة مهما اختلف الموضوع، لكن سيد درويش كان له رأي آخر .. أن يعبر اللحن عن الكلمة ويعطيها صورتها الحقيقية وبالتالي يوصل المعنى الذي أراده الشاعر. استحدث سيد درويش ألوانا من الألحان لم يطرقها أحد قبله.
 سيد درويش - ألحان مطورة

على سبيل المثال فإن الألحان المسرحية التي أسميت بألحان الطوائف مثل الشيالين، الصنايعية، العمال، السقايين، الجرسونات وغيرها لم تكن جديدة في موضوعاتها. فقد لحن مثلها كامل الخلعي وبعضها بنفس العناوين، لكن اللحن اختلف كلية. كان يمكن للملحن أن يقوم بوضع لحن شبيه بالموشحات لكلمات من هذا النوع، وأن يستعرض في سبيل ذلك مختلف الضروب والأوزان المعقدة، وبالتالي لا يستطيع أداءه إلا المطرب المحترف. لكن سيد درويش أراد أن يجيء اللحن وكأنه على لسان أفراد الطائفة التي تتحدث عنها الكلمات، أي أنها ستتحدث عن نفسها بطريقتها وليس بطريقة الملحن. هكذا أدخل التعبير في اتجاهين متوازيين، التعبير عن الكلمة والتعبير عن الناطق بها.
ترتب على هذا أن الغناء ترك ساحة الطرب والاحتراف إلى ساحة التعبير والتلقائية البسيطة التي مكنت عامة الشعب من غناء ما كان لا يمكنهم غناءه من قبل. ولهذا خط فن سيد درويش خطوطا عميقة في وجدان الشعب الذي حفظ ألحانه ورددها بسهولة

أضف لهذا ذلك الحس الوطني الجياش الذي تمتع به سيد درويش وجعله يصيغ الأناشيد الوطنية في ألحان أصبحت تردد على ألسنة الناس في كل مكان وكل مناسبة وأصبحت ملاذ الشعب في أوقات الشدة والحروب، وظلت رمزا للوطنية منذ عام 1919 حتى الآن. وتكتسب أناشيد سيد درويش أهمية خاصة إذا علمنا أنه لم يكن هناك أناشيد قبله.
سيد درويش 1892 - 1923 
خصائص فن سيد درويش
ذكرى سيد درويش 2016 - فيسبوك

قصائد عبد الوهاب - كليوباترا

كليوباترا
شعر علي محمود طه
ألحان وغناء محمد عبد الوهاب
مقام نهاوند 1944

قصيدة كليوباترا كتبها الشاعر على محمود طه في 24 بيتا، اختار عبد الوهاب منها 10 أبيات مقسمة إلى 3 مقاطع لتكون هي القصيدة المغناة، يتكون كل مقطع من 3 أبيات وخص بيتا واحدا من العشرة "يا حبيبي هذه ليلةُ حُبِّي .." ليختم به كل مقطع وليعمل عمل "المذهب" في نص الأغنية، وهو ختام القصيدة
القصيدة غزلية عاطفية ذات بعد تاريخي تحكي عن أسطورة حقيقية من أساطير الجمال تحدثت عنها الدنيا، صيغت لها الأشعار وكتبت عنها الروايات والمسرحيات كما صنعت حولها أكبر أفلام السينما. وتصف أبياتها قصة الحب الشهيرة التي عاشتها الملكة كليوباترا، ملكة مصر في أواخر عصر البطالسة، وهي القصة التي تسببت في انشقاق الأسطول الروماني في البحر الأبيض. 
أضيفت إلى مفردات القصيدة دلالات مكانية تحدد مكان الأحداث بمعالم مصرية مثل "الشاطئان، النيل، النهر، الضفاف، الروابي"، غير أن كل هذه الدلالات يبدو أنها من خيال الشاعر ليس إلا، فعاصمة البلاد ومركز الحكم وقصر الملكة كان في مدينة الإسكندرية التي لا يصلها نهر النيل، كما أنه لم تكن هناك مدينة كبرى على ضفاف النيل في ذلك الوقت، ولم تنشأ العاصمة الحالية المطلة على النيل، القاهرة، إلا بعدها بأكثر من ألف عام 
لحن كليوباترا
تعد كليوباترا إحدى ثلاث قصائد تميزت بشكل بالغ في سلسلة قصائد عبد الوهاب، حتى داخل السلسلة الأصغر، القصائد الكبرى، وهي الجندول ، الكرنك، وكليوباترا. وهي تشكل معا ثالوثا مميزا بحيث لا تكاد تذكر إحداها إلا وذكرت معها القصيدتان الأخريان.
سنحاول أن نكتشف هنا سر هذا التميز وسر اجتماع القصائد الثلاث في نسق واحد.
1. كما ذكرنا في "الجندول" والكرنك" فإن عبد الوهاب قد اهتم في هذه القصائد خاصة بوضع مقدمة موسيقية مميزة لكل قصيدة أصبحت من علامات الموسيقى العربية. ولم يكن هذا الأسلوب متبعا قبل ذلك لا عند عبد الوهاب ولا عند غيره، وهي مقدمات أكد بها أنه صانع موسيقى إلى جانب كونه ملحنا للكلمات. لم تكن تلك المقدمات مجرد أنغام بل إنها مليئة بالتعبير عن جو القصيدة، كما أنها اتسمت بالفخامة بوجه عام.
2. أنه رغم التطورات الكبيرة التي أدخلها عبد الوهاب كاتجاه عام في أغانيه القصيرة، خاصة ألحانه للسينما، والتي اشتق جانب كبير منها من الموسيقى الغربية، إلا أنه أعطى القصائد الكبرى جوا شرقيا خالصا، بما يعكس موضوعات القصائد التي احتوت على الكثير من المعاني والصور العربية وأجواء الشرق
3. أنها احتوت قدرا هائلا من الطرب التعبيري، مقارنة بالطرب التنغيمي في الحقبة القديمة. الحقيقة أن عبد الوهاب قد استخدم طريقة خاصة في التعبير عن النص بالتعبير عن الجو العام للموضوع دون ملاحقة المفردات. يترتب على هذا أنه ستكون له الحرية في إضافة موسيقى خالصة، سواء كمقدمة أو بين المقاطع، وفي النظر إلى مجموعة أبيات كوحدة لحنية واحدة ما دامت تتناول فكرة واحدة، كما سيتيح له إطلاق قدراته كمطرب يصول ويجول كما يشاء غير متقيد بالألفاظ والمفردات.

المقدمة الموسيقية
تتألف المقدمة من حركتين من نفس المقام، نهاوند
·       الحركة الأولى حركة حرة ذات ملامح مشابهة للافتتاحيات المسرحية تعطي انطباعا بأننا نتابع مراسم ملكية
·       الحركة الثانية لحن مميز على إيقاع رباعي بتفاعيل خاصة، يوحي بحركة المواكب، تعاد بحوار آلي بين آلة القانون وباقي الأوركسترا 
يستخدم مقام نهاوند هنا دون استعمال "الحساس" أو الدرجة السابعة الزائدة، واستعمال السابعة المنخفضة هو ما يعطي هذا الإحساس بفخامة الموسيقى. وهذا لا ينطبق فقط على موسيقى "كليوباترا"، بل إنها سمة أصيلة في المقام يمكننا ملاحظتها في موسيقات أخرى، على الأخص في الموسيقى الحرة. ونلاحظ أن هذا الاستخدام اقتصر في "كليوباترا" على الموسيقى دون الغناء لاحتياج الغناء إلى الطرب وبالتالي لاستعمال الحساس
تعاد موسيقى المقدمة بعد المقطع الأول كما تعاد في نهاية القصيدة ويختم بها اللحن.

الغناء
المقطع الأول
يبدأ الغناء حرا من نفس المقام، بما يشبه النداء من أعلى المقام، ويستمر الغناء حرا لزمن أطويل نسبيا في ثلاثة أبيات متواصلة
في الشطرة الثانية من البيت الأول "طاف بي .." يتحول الغناء إلى بياتي على خامسة النهاوند
يعود الغناء للنهاوند مع البيت الثاني ومرة أخرى للبياتي في الشطرة الثانية منه ويستمر حتى نهاية البيت الثالث وما زال الغناء حرا دون توقيع.
يتحول الغناء إلى الإيقاع محتفظا بمقام البياتي مع بداية البيت "يا حبيبي هذه ليلة حبي" ثم يعود دون إيقاع إلى النهاوند مضيفا آهات تعبيرية بالتبادل مع الكورس تمهد لإنهاء المقطع

المقطع الثاني
مقام حجاز على خامسة النهاوند
يبدأ المقطع الثاني بفاصل موسيقي مميز من مقام الحجاز الشرقي على الدرجة الخامسة للسلم بإيقاع ثنائي سريع يعقبه الغناء من نفس المقام، لكنه يعيد غناء البيت الأول بلحن آخر يشبه الموال الموقع، ويستمر كذلك في البيت الثاني ثم يعود للنهاوند في الشطرة الثانية منه منهيا المقطع بالعودة إلى البيت "يا حبيبي هذه ليلة حبي" بنفس لحنها الأول

المقطع الثالث
موسيقى المقطع مقام ماجير على ركوز النهاوند ذات إيقاع راقص ثلاثي (فالس)
يبدأ الغناء من مقام ماجير وعلى نفس الإيقاع بالبيت "يا ضفاف النيل .."
يتحرر الغناء من الإيقاع مع "أحلام الشباب" ثم يعود في إيقاع رباعي مع البيت "إن يكن مر وحيا .."
يعود الغناء لمقام النهاوند آخر البيت الثالث ثم ينهي الغناء بالبيت الذي اختاره لختام كل المقاطع

لكن الغناء في الختام يستحق وقفة لتأمل أداء عبد الوهاب "المطرب" .. بهذا التصرف في الغناء وصل عبد الوهاب بصوته إلى جواب البياتي المصور على خامسة النهاوند، ثم تجاوزه إلى جواب ثالثة البياتي
معنى هذا أنه لو بدأ الغناء من النهاوند الأصلي على درجة الراست "دو"، لوصل إلى جواب "سي بيمول"، لكن كما نعلم هذا في حكم المستحيل في في أصوات الرجال ..
لهذا فإن اللحن كله قد سار مصورا على درجة الحسيني أو "لا" الدنيا، وهي أقل بتون ونصف عن درجة "دو". وبذلك يكون صوت المغني قد لامس جواب النوا أو "صول" العليا الطبيعية، وهو ما زال أداء بالغ الصعوبة لا يقدر عليه إلا أصحاب حناجر مميزة، خاصة إذا تم الوصول إليها بالصوت الطبيعي دون استعمال الصوت المستعار.
وسواء تم ذلك عن طريق استخدام مقام نهاوند الحسيني أو بتخفيض طبقة الآلات الموسيقية بهذا القدر ليسهل عزفها فإن النتيجة واحدة بالنسبة للصوت البشري

بهذا أيضا يكون عبد الوهاب قد استعرض بصوته أوكتافين كاملين تقريبا لأن الغناء اشتمل أيضا على درجة "صول" الدنيا ولو أنها زائدة نصف درجة لكونها حساس النهاوند، طبعا مرورا بدرجة "صول" الوسطى". هذه مسألة تدخل في القدرات الخاصة والمميزة وليست بأي حال مساحة صوتية عادية .. ولهذا فضلنا الإشارة في وصف المقامات المشتقة بكونها "على الدرجة الخامسة" بدلا من القول بأنها بياتي النوا أو حجاز النوا لأن الواقع يقول غير ذلك
هناك احتمال نظري بأن اللحن قد تم تصويره على درجة صول الدنيا "يكاه"، فيصبح المقام نهاوند "فرحفزا" وهو ما يتيح للمطرب أداء الأصوات الأعلى بطريقة أسهل، لكن صوت عبد الوهاب في نهاية البيت المتكرر "أفراح قلبي" ينخفض نصف درجة عن أساس المقام وهو ما يستبعد هذا الاحتمال

هكذا جمع عبد الوهاب في "كليوباترا" بين الموسيقى الفخمة في الافتتاحية وتنوع المقامات والإيقاعات في الفواصل الموسيقية والغناء، والغناء الحر في كثير من المواضع، إلى جانب الأداء المطرب والأنغام الشرقية
في نهاية اللحن تعيد الموسيقى لحن المقدمة لتستعيد الجو الملكي الفاخر والنغم الرقيق الذي بدأ به بعد رحلة طويلة من الطرب، والواقع أن لحن المقدمة هو أهم ما في اللحن وهو ما ميزه

باكتمال الثالوث "الجندول" 1940، الكرنك 1941، و"كليوباترا" 1944 وصلت ألحان عبد الوهاب إلى درجة عالية من النضج أكسبت فنه قيمة كبيرة، كما أكسبته شخصيا مكانة عالية بين الفنانين ورصيدا غاليا من ثقة الناس وحبهم، وأثمر كل هذا فيما تلا ذلك من ألحان ختمت بخاتم الجودة والإتقان. إلا أن أكبر مكسب كان ذلك التفاهم بين عبد الوهاب والجمهور، فكان فهمه للروح العربية الأصيلة وإجادته توصيل الرسالة إلى الناس سر نجاحه الأساسي، كما أن الجمهور، بالتالي، أصبح يتوقع منه ذلك المستوى الرفيع دائما، نصا ولحنا وأداء. د.أسامة عفيفي، سلسلة قصائد عبد الوهاب، كليوباترا

كليوباترا
كليوباترا أيُّ حُلمٍ من لياليكِ الحسانِ      طافَ بالموجِ فغنَّى وتغَنَّى الشاطئانِ
وهفَا كلُّ فؤادٍ وشدا كلُّ لسانِ      هذه فاتنةُ الدُّنيا وحسناءُ الزمانِ
بُعِثتْ في زورقٍ مُسْتَلهمٍ من كلِّ فنِّ       مَرِحِ المجدافِ يختالُ بحوراءَ تُغنِّي
يا حبيبي هذه ليلةُ حُبِّي      آه لو شاركتَني أفراحَ قلبي
***
ليلُنا خمرٌ وأشواقٌ تُغنِّي حولنا      وشراعٌ سابحٌ في النُّور يَرْعى ظِلّنا
كان في الليل سُكارى وأفاقوا قبلنا       ليتهم قد عرفوا الحبَّ فباتوا مثلنا
كلما غرَّد كأسٌ شربوا الخمرةَ لحنا      يا حبيبي كلُّ ما في الليل روحٌ يتغنَّى
يا حبيبي إنّها ليلة حُبِّي      آهِ لو شاركتني أفراحَ قلبي
***
يا ضِفافَ النيلِ باللّهِ ويا خُضرَ الروابي       هل رأيتنَّ على النهر فتىً غضَّ الإهابِ
أسمرَ الجبهةِ كالخمرةِ في النُّورِ المذابِ      سابحاً في زورق من صُنع أحلامِ الشبابِ
إن يكُنْ مَرّ وحيَّا من بعيدٍ أو قريبِ       فصفيهِ وأعيدي وصفَهُ فهو حبيبي
يا حبيبي هذه ليلةُ حُبِّي      آهِ لو شاركتَني أفراحَ قلبي
***

مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية - موسيقى حبي

موسيقى حبي
محمد عبد الوهاب
مقام راست 1937

الموسيقى
تتألف موسيقى "حبي" من حركتين رئيسيتين رغم تكوينها الظاهري من 3 أجزاء
1. الحركة الأولى هي اللحن المميز بكامل الفرقة مكون من فقرتين، يصاحب الأولى دقات إيقاعية ثنائية الزمن على الشللو في تآلف بسيط، وتؤدي الوتريات الفقرة الثانية في تتابع سلمي هابط من قمة السلم
2. الحركة الثانية لحن انسيابي على الوتريات هو لحن الحركة الأساسي، يصاحبه اللحن لحن آخر في الخلفية عبارة عن جملة ميلودية إيقاعية على آلات العود والشللو، تتكرر إلى أن ينتهي لحن الحركة
3. الجزء الثالث ليس في الواقع حركة مستقلة وإنما هو ختام للموسيقى بنفس لحن الحركة الأولى مع إسراع طفيف في الإيقاع 

خصائص
تشابه موسيقى "حبي" هذه سابقتها "ألف ليلة" المؤلفة في نفس العام في عدة عناصر
1. وحدة المقام من البداية للنهاية (راست). ورغم وجود بعض التغيير إلى مقام راست سوزناك (أحد فروع الراست) في بعض المقاطع إلا أنه لا يرقى إلى كونه تغييرا مقاميا كاملا ويظل في حدود التلوين النغمي المعتاد 
2. وضوح الأجزاء والتراكيب
3. تميز اللحن (الميلودي) بحيث يمكن أن تعرف به الموسيقى بين آلاف المقطوعات
4. يمكن عزف معظم أجزاء المقطوعة على آلة واحدة ماعدا الحركة الثانية التي تتطلب وجود آلة أخرى تصدر النغم التوافقي

وتختلف عنها في أن أداء الموسيقي يتطلب أكثر من آلة لوجود تآلف موسيقي من جملتين مختلفتين في الأنغام لكنهما تسيران في نفس الزمن. فعندما يقوم عازف الكمان مثلا بأداء الحركة الثانية المقطوعة سيحتاج لعازف العود ليؤدي الجزء المصاحب وإلا سيعزف نصف الموسيقى فقط، وهذا ما يمكن أن نسميه العزف المركب مما لا يمكن أداؤه على آلة واحدة. 
هذا التركيب يخرج الموسيقى من كونها موسيقى تقليدية بسيطة تعتمد اعتمادا مطلقا على الميلودي أو اللحن إلى موسيقى متعددة الجوانب يلزم لأدائها أكثر من آلة 

وتعد موسيقى "حبي" أيضا حلقة أخرى في سلسلة الموسيقات التي جذبت الهواة والدارسين لوضوح فكرتها وأسلوبها د.أسامة عفيفي، مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية، موسيقى حبي

مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية - ألف ليلة

موسيقى ألف ليلة
محمد عبد الوهاب
مقام بياتي 1937

الموسيقى 
أول ما نلحظ في "ألف ليلة" هو أن كامل المقطوعة من مقام واحد هو البياتي، وهو أسلوب قليل الاستخدام عند عبد الوهاب.
تتألف المقطوعة من مقدمة و3 خانات، ويلاحظ وجود سكتات واضحة وطويلة نسبيا بين أجزاء المقطوعة. 
تكوين مستوحى من شكل السماعيات القديمة لكن دون التقيد بإيقاع القالب. ونمط سار عليه عبد الوهاب في عدة مقطوعات وإن كان يختم أحيانا بالمقدمة وأحيانا أخرى بآخر خانة كما في هذه المقطوعة "ألف ليلة"
الإيقاع رباعي في المقدمة والخانة الأولى والثانية، وثنائي في الخانة الأخيرة

الخانة الأولى تتكون من فقرتين تستخدم الفقرة الثانية منهما كتسليم يعاد في نهاية الخانة الثانية
الخانة الثانية أيضا من فقرتين يدور خلال الأولى حوار بين الجواب والقرار بينما الفقرة الثانية هي التسليم الوارد في نهاية الأولى
الخانة الثالثة تقدم حوارا يدور بين آلات الكمان والقانون وباقي الأوركسترا، تنتهي به المقطوعة دون الرجوع للتسليم 

خصائص 
تشكل "ألف ليلة" حلقة في سلسلة مقطوعات استهوت الكثير من هواة الموسيقى ودارسيها لأكثر من سبب:
1. وضوح الشكل الموسيقي مما يسهل دراستها بتفصيلها إلى أجزاء
2. وضوح اللحن والمقامات المستخدمة
3. بساطة التركيب لاعتمادها أكثر على الميلودي مما يسهل عزفها على آلة واحدة لأي عازف
من تلك المقطوعات "حبي"، إليها"، "سامبا"، "بنت البلد"، "ابن البلد"، "بلد المحبوب"، "موكب النور"، "عزيزة" .. وهي مقطوعات يندر ألا يمر بها عازف شرقي

في غير ذلك من المقطوعات اللاحقة تطلب أداء المقطوعات فرقة موسيقية، خاصة عند وجود تكوينات هارمونية تحتاج أكثر من آلة لعزفها في نفس الوقت أو اعتمادها أكثر على الإيقاع مما يضعف أداءها على آلة منفردة 

ورغم كون المقطوعة حرة من ناحية الشكل والتكوين إلا أن لحنها ينتسب مباشرة للموسيقى التقليدية مقارنة بالموسيقات المركبة التي ألفها عبد الوهاب في مراحل لاحقة، فهي من مقام شرقي خالص، ولا يطرح اللحن خيالا كافيا لاستخدام التوزيع الهارموني أو إعادة تقديمها بشكل جديد د.أسامة عفيفي، ألف ليلة، مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية

مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية - لغة الجيتار

لغة الجيتار
محمد عبد الوهاب 
مقام عجم مصور 1935
لغة الجيتار آخر مقطوعة في سلسلة من 7 مقطوعات لعبد الوهاب مؤلفة خلال عام 1935 وهو العام الثالث لبدء وضعه مقطوعات الموسيقى البحتة 


سنلاحظ هنا بعض التغييرات التي دخلت على تأليف المقطوعة الموسيقية كما ظهرت في "لغة الجيتار" ومنها بالطبع إدخال آلة الجيتار إلى الموسيقى الشرقية 

الموسيقى
تتكون المقطوعة من 3 أجزاء رئيسية
1. المقطع المميز للمقطوعة من مقام العجم على إيقاع ثلاثي (فالس)، تبدأ به وتنتهي به بإيقاع أسرع. يؤدى المقطع بكامل الفرقة دون تكراره في الوسط. يتكون المقطع من جزئين أساسيين في صيغة حوار بين جملتين. في نهاية الجملة الثانية تنقسم الوتريات إلى فريقين يقود أحدهما القانون في أداء اللحن الرئيسي بينما تقوم الكمان بأداء تآلف نغمي مصاحب

2. مقطع أوسط بكامل الفرقة على نفس الإيقاع لكن في مقام مختلف هو الفرحفزا، المرتكز على درجة النوا وهي الدرجة الثالثة في مقام العجم المصور (مي بيمول ماجير). ويجدر أن نتوقف هنا قليلا لنلحظ كيفية ظهور هذا المقام من ثالثة الماجير. الواقع أنه تغيير حاد وليس اشتقاقا من السلم المستخدم. الأصل في اشتقاق المينير من الماجير، دون تغيير السلم، هو الهبوط درجتين على سلم الماجير للوصول إلى أساس المينير، لكن الحاصل هنا كان الصعود للدرجة الثالثة والطبيعي أن يقودنا هذا إلى مقام الكورد وليس المينير بأي حال.
هناك طريقة أخرى شائعة للانتقال إلى المينير من الماجير وهي الاحتفاظ بدرجة ركوز مشتركة، لكن هذا لم يحدث أيضا ولذلك نقول أنه كان تغييرا حادا ليس له أي علاقة بالسلم الأساسي. بالتالي عند عودة اللحن المميز قبل نهاية المقطوعة ظهر نفس التغيير الحاد في المقام
 
3. مقطع الحوار بين آلة الجيتار وباقي الأوركسترا، وهو مقطع موقع على نفس الإيقاع ويصاحبه إيقاع وتري في الخلفية 


خصائص
تتميز المقطوعة بعدة خصائص تجعلها تختلف عن سابقاتها
1. الإيقاع الثلاثي (الفالس) السائد بطول المقطوعة دون تغيير
2. الانتقال المفاجئ إلى مقام جديد دون التقيد بالقواعد المتعارف عليها لتغيير المقام
3. عدم تكرار المقطع المميز في وسط المقطوعة والاكتفاء بإعادته في النهاية فقط، وهذا الأسلوب وإن تشابه مع استخدام "التسليم" إلا أنه يستخدم التكرار لخدمة الدراما الموسيقية التي يلزم لتكوينها بداية ووسط ونهاية، وبهذا يخرج المقطع المميز عن كونه مجرد رابط، أو فاصل، بين أجزاء المقطوعة كما كان الحال في مقطوعات سابقة

4. بالنظر إلى عنوان المقطوعة نجد عودة لاستخدام المفردات الموسيقية "الجيتار"، وقد اتبع عبد الوهاب ذلك مرتين في السابق، أولاهما في "سماعي هزام" والثانية في "فانتازي نهاوند". وقد اعتبرنا تلك التسميات اتباعا لنظام التسمية التقليدي والشائع في الموسيقى الشرقية والغربية على السواء، خاصة بذكر المقام أو السلم. لكن التسمية في حالة "لغة الجيتار" لا تسير على نفس النهج فهي تذكر اسم آلة موسيقية دون تسمية المقام أو القالب الموسيقي، وبإضافة لفظ "لغة" إلى العنوان يكتسب الاسم بعدا معنويا غير اصطلاحي، ويتماشى أكثر مع أسلوب التسمية الذي اختاره عبد الوهاب لمعظم مقطوعاته للتعبير عن فكرة أو موقف أو حالة.

ولعل في عنوان "لغة الجيتار" إشارة إلى أسلوب ونغم الجيتار الذي يعطي الموسيقى طابعا مميزا، وإلى تقديم الجيتار كآلة جديدة على الموسيقى الشرقية. ولكن تبقى ملاحظة هامة هي، على عكس التوقع، أنه رغم صوت الجيتار ورغم العنوان الناطق اشتهرت المقطوعة باللحن المميز الذي لم يظهر فيه صوت الجيتار وكان هو اللحن السائد د.أسامة عفيفي، لغة الجيتار، سلسلة مؤلفات عبد الوهاب الموسيقية

قصائد عبد الوهاب - مضناك جفاه مرقده

مضناك جفاه مرقده
شعر أحمد شوقي 
ألحان وغناء محمد عبد الوهاب
مقام حجاز 1944
من المعتاد في الشعر العربي أن تعرف القصيدة بمطلعها، ولكن ليس من المألوف أن يكون العنوان شطرة كاملة من ثلاث كلمات "مُضناكَ جَفاهُ مَرقَدُهُ" كما هو الحال في هذه القصيدة.
والحقيقة أن مفردات وتراكيب القصيدة اللغوية ليست من البساطة والوضوح بحيث يقوم بهذه المهمة لفظ أو اثنان، وبعد الإشارة إليها بشطرة كاملة فما زال المعنى يحتاج للشرح والتفسير، والمسألة مازالت كذلك حتى بعد إتمام قراءة البيت الأول بالكامل. وقد حذف عبد الوهاب 12 بيتا من القصيدة الأصلية، غير متتالية، واكتفى بتلحين 15 بيتا مع الاحتفاظ بالبيت الأول والأخير.

رحل شوقي عن الدنيا قبل قيام عبد الوهاب بتلحينها بأكثر من عشر سنوات، وهذا يدل على أن عبد الوهاب قد وعى القصيدة منذ زمن طويل أو على الأقل أنه كان قادرا على فهم وهضم واستيعاب تراكيبها المعقدة، ولكن الأخطر من ذلك أنه غامر بتلحينها. القصيدة ليست على الإطلاق مما يتداوله عموم الناس، بل قد تحتاج إلى خبير في اللغة العربية لإدراك مدلولاتها.

رغم كل ذلك ذاعت القصيدة وانتشرت ومازالت تجد المعجبين حتى الآن، ولم تقف اللغة البالغة الفصاحة عائقا أمام انتشارها.
في عام 1953 في فيلم أنور وجدي والطفلة الموهوبة "فيروز" التي شاركته بطولة فيلم "دهب" تغنت فيروز بلحن القصيدة كما هو في أغنية "كروان الفن وبلبله" بعد تغيير كلماتها لتناسب موضوع الفيلم، وهي أشهر أغنية بالفيلم وأحد أسرار نجاحه.
وبالمناسبة فقد قدم هذه القصيدة أحد شباب الفنانين بعد 70 عاما من صدورها في مهرجان أجيال للموسيقى العربية بالإسكندرية عام 2015 ونال عن أدائها الجائزة الثانية للمهرجان.
يجب أن نتوقف هنا لنتأمل خطورة دور الملحن الذي يمكنه، إذا أجاد، أن ينقل أي شيء إلى إحساس الجمهور، الأفكار والمعاني والمفردات والاصطلاحات، عن طريق اللحن واللحن فقط.
من المؤكد أن عبد الوهاب كان يتمتع بجرأة كبيرة، وقدرا هائلا من الثقة بالنفس، وكان ينجح فيما لا يبدو أنه يحمل مقومات النجاح، فلم تكن هذه هي المرة الأولى التي يسبح فيها ضد التيار.

اللحــن
في تلحين القصيدة لم يستعرض عبد الوهاب كثيرا من موهبته في التعبير، فقد جاء اللحن طربيا محضا (أي يمكن الإحساس بنفس وقع النغم حتى لو تغيرت الكلمات)، لكنه اتخذ من إيقاع النص قاعدة لتلحين القصيدة كلها، ولم يخرج عن هذه القاعدة في أي بيت. لهذا جاء اللحن مطابقا لإيقاع النص الخفي ودالّاً عليه. 

ترى من أين أتى عبد الوهاب بهذه التركيبة اللحنية المطابقة لتفاعيل النص؟ والتي جاءت في سلسلة محكمة الحلقات والدوائر ليس فيها إرسال أو استرسال كعادته في كثير من ألحانه، قصائدا كانت أو غير ذلك .. 
في خلفية إيقاع النص  نلاحظ تفاعيل مشابهة للموشح الأندلسي "يا ليل الصب متى غده .. أقيام الساعة موعده؟" .. وليس هذا هو وجه الشبه الوحيد بين النصين، فهما مشتركان في القافية أيضا (مَوعِدُهُ - عُوّدُهُ). وهو موشح محكم الصنع جميل اللحن والإيقاع، ولحنه أيضا من مقام الحجاز ويستخدم راست النوا في مطلعه .. ويمكننا أن نستنتج من هذه المقارنة أن لحن الموشح كان رافدا هاما في صياغة لحن القصيدة، سواء قصد الملحن ذلك أو لم يقصد، ولهذا جاء لحن القصيدة مشابها لألحان الموشحات في أسلوب الصناعة والشكل العام 

السؤال التالي هل يصنف لحن القصيدة في باب التحديث أم التقليد؟ .. الواقع أن تقليدية اللحن تخرجه من سلسلة ألحان عبد الوهاب التي سيطر عليها التحديث خلال الأربعينات، ويبدو أن النص هو الذي اتجه باللحن هذا الاتجاه

المقدمة إيقاعية رباعية (إيقاع مصمودي) متناغمة مع لحن الغناء، يستخدم فيها آلة الأبوا منفردة بالتناوب مع الفرقة. هناك توقف غير مفهوم للموسيقى في نهاية المقدمة يبدأ بعده الغناء على نفس إيقاع المقدمة، ونقول غير مفهوم لأنه قد تم وصل الموسيقى بالغناء في مقطع آخر مشابه داخل القصيدة.  

لا يخرج اللحن عن المقام الرئيسي (الحجاز) إلا مرتين الأولى إلى مقام راست النوا لبيتين مع البيت "جحدت عيناك زكيّ دمي .." والثانية إلى مقام البياتي لثلاثة أبيات مع البيت "بَيني في الحُبِّ وَبَينَكَ ..". ومهد لغناء الراست بفاصل موسيقي من نفس المقام.

العودة لمقام الحجاز تشكل عودتين لأنها في نفس الوقت عودة للحن البداية فيما يشبه "المذهب" مع البيت "مولاي وروحي في يده .."، ثم مع البيت "قسما بثنايا لؤلؤها..". وهو قد مهد لذلك الاستخدام بالعودة إلى لحن المقطع الأول دون تغيير المقام في "الحسن حلفت بيوسفه.."
يختتم عبد الوهاب القصيدة بنفس لحن المطلع ولا يضيف همسة بعد ذلك، ويترك السامع يشتاق لترديد اللحن مرات ومرات .. 

مضناك جفاه مرقده
الأبيات المغناة
مُضناكَ جَفاهُ مَرقَدُهُ وَبَكاهُ وَرَحَّمَ عُوَّدُهُ
حَيرانُ القَلبِ مُعَذَّبُهُ مَقروحُ الجَفنِ مُسَهَّدُهُ
يَستَهوي الوُرقَ تَأَوُّهُهُ وَيُذيبُ الصَخرَ تَنَهُّدُهُ
وَيُناجي النَجمَ وَيُتعِبُهُ وَيُقيمُ اللَيلَ وَيُقعِدُهُ
الحُسنُ حَلَفتُ بِيوسُفِهِ وَالسورَةِ إِنَّكَ مُفرَدُهُ
وَتَمَنَّت كُلُّ مُقَطَّعَةٍ يَدَها لَو تُبعَثُ تَشهَدُهُ

جَحَدَت عَيناكَ زَكِيَّ دَمي أَكَذلِكَ خَدُّكَ يَجحَدُهُ
قَد عَزَّ شُهودي إِذ رَمَتا فَأَشَرتُ لِخَدِّكَ أُشهِدُهُ
بَيني في الحُبِّ وَبَينَكَ ما لا يَقدِرُ واشٍ يُفسِدُهُ
ما بالُ العاذِلِ يَفتَحُ لي بابَ السُلوانِ وَأوصِدُهُ
وَيَقولُ تَكادُ تُجَنُّ بِهِ فَأَقولُ وَأوشِكُ أَعبُدُهُ
مَولايَ وَروحي في يَدِهِ قَد ضَيَّعَها سَلِمَت يَدُهُ
ناقوسُ القَلبِ يَدُقُّ لَهُ وَحَنايا الأَضلُعِ مَعبَدُهُ

قَسَماً بِثَنايا لُؤلُؤها قَسَمَ الياقوتُ مُنَضَّدُهُ
ما خُنتُ هَواكَ وَلا خَطَرَت سَلوى بِالقَلبِ تُبَرِّدُهُ

فيروز - يا أنا يا أنا وسيمفونية موتسارت رقم 40

من المؤكد أن أغنية فيروز "يا أنا يا أنا" قد لاقت نجاحا كبيرا وأحب الناس سماعها ليس فقط وقت تقديمها لأول مرة بل في كل وقت بعد ذلك.
رغم نجاح الأغنية انقسم الجمهور، والنقاد، إلى فريقين إزاء تقييمها من ناحية اللحن. فقد اكتشف هواة الموسيقى، ومحترفوها بالطبع، أن اللحن نسخة من اللحن المميز للسيمفونية رقم 40 للموسيقى النمساوي التاريخي موتسارت، (1756 - 1791)، أحد أقطاب الموسيقى الكلاسيكية الأوربية وسابق لبيتهوفن (1770 - 1827).

لم يجد البعض أية مشكلة في أن تغني فيروز كلمات عربية على لحن غربي، واعتبر أن هذا من شأنه تعريف المستمع العربي بالموسيقى الأوربية وتوسيعا لدائرة التذوق الفني. في إطار تأييد التجربة أيضا قيل إن الأخوان رحباني قدما بصوت فيروز ألحان سيد درويش تقديرا له ويمكن اعتبار تقديم ألحان موتسارت إعجابا وتقديرا لفنه. بينما هاجم البعض الآخر التجربة باعتبارها "سرقة" فنية.
في ذلك الوقت (أوائل السبعينات) كان الأخوان رحباني قد قدما صوت فيروز في أعمال كثيرة وأصبحت نجمة بفضل صوتها وما قدماه لها من كلمات وألحان، ولم تكن هناك حاجة لاستخدام موسيقى موتسارت لإنجاح أغنية ما.
 اقتباسات سابقة
لم يكن اقتباس الرحبانية لموسيقى موتسارت في لحن أغنية السابقة الأولى، ففي عام 1961 ظهرت أغنية هندية على نفس اللحن في فيلم سينمائي (نورد هنا مقطع فيديو للأغنية الهندية) ولاقت الأغنية أيضا نجاحا كبيرا. ومن هنا يظهر أن نجاح الأغنية يرجع لجودة اللحن وليس للكلمات. كما لم تكن هذه الأغنية الوحيدة التي صاغها الرحبانية على لحن أجنبي بصوت فيروز، فهناك مثلا أغنية "كانوا يا حبيبي" على لحن روسي شهير وغيرها.
 الشكل القانوني
من الناحية القانونية، اللحن المقتبس يتجاوز الحد القانوني للاقتباس، 4 مازورات، ، ومع ذلك ليس هناك ما يجرم استخدام لحن موتسارت أو غيره حينما يصبح ملكية عامة بمرور أكثر من 50 عاما على وفاة صاحبه، ولا يتعرض المقتبس للمساءلة القانونية لاقتباسه لحن قديم.

لكن الخطأ الذي وقع فيه الأخوان رحباني خطأ أدبي أكثر منه قانوني، وهو عدم الإشارة إلى اسم صاحب المؤلف الأصلي. وهي عادة "رحبانية" اتبعهاها في كل الاقتباسات، وهي السبب في الانتقاد الشديد الذي وجه إليهما واتهامهما بسرقة الألحان. وهو الخطأ الذي تسبب في مغالطات كثيرة لاحقا أهمها ذكر مواقع عديدة لاسم الأخوان رحباني في خانة الملحن أمام أغاني غنتها فيروز من ألحان سيد درويش وموتسارت وغيرهم. وهذا ليس من شأنه فقط إغفال حقوق المبدعين الآخرين ولكنه يلصق تهمة السطو بالرحبانية. 
في سياق الدفاع عن الرحبانية قيل لاحقا أنه لم يكن من الضروري إعلان الاقتباس صراحة أو الإشارة إلى اللحن الأصلي بحكم أنه لحن معروف رغم أن أصول العمل الفني تقتضي ذلك. لكن كما أشرنا فإن ترك الأمر لاكتشاف الجمهور لا يخلو من المخاطرة، خاصة أن الاقتباس هنا لم يكن عفويا أو كما يطلق عليه أحيانا "توارد خواطر" أو "تأثر"، بالعكس فإن وصف الاقتباس هنا غير دقيق والوصف الأصح هو وضع كلمات عربية على ذات اللحن الأوربي. 
وهذا بدوره يمثل "عادة" لبنانية شائعة بين الفنانين اللبنانيين، وهي لا تشكل اقتباسا بل حبا وإعجابا ببعض الألحان الأوربية ذات الأنغام المتجانسة مع ألحان الشرق، أو بمعنى آخر "تعريب" الأغاني الأجنبية. 
 أصداء الفن الأندلسي في موسيقى موتسارت
المفارقة الكبرى في قصة الاقتباس يبدو أن موتسارت نفسه قد اقتبس لحنا عربيا قديما في نفس السيمفونية وهو لحن الموشح الأندلسي الشهير "لما بدا يثنى" في بداية الحركة الثالثة (الدقيقة 15.24). تقدر الفترة الزمنية بين لحن الموشح ولحن السيمفونية بنحو 300 عام. وهناك أيضا فرق زمني بنحو 200 عام أخرى بين لحن السيمفونية وأغنية فيروز.
أكثر من هذا وجد الباحثون 29 مازورة من سيمفونية موتسارت هذه مدونة في اسكتشات بيتهوفن الموسيقية، ويعتقد نقاد الموسيقى الكلاسيكية أن نفس الحركة التي اقتبسها موتسارت من الموشح الأندلسي هي التي أوحت إلى بيتهوفن نغمات الحركة الثالثة في سيمفونيته الشهيرة "القدر". هكذا يظهر لنا عالمية لغة الموسيقى وكيف أنها تصل بين الشعوب والحضارات غير مكترثة بحدود جغرافية أو زمنية، د. أسامة عفيفي، يا أنا يا أنا، فيروز.
نستمع هنا إلى أغنية فيروز، والأغنية الهندية، والسيفونية رقم 40 لموتسارت

*****

مرور 25 عاما على رحيل محمد عبد الوهاب

رحل موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في 3 مايو عام 1991 وهو يقارب التسعين من عمره، تاركا ثروة تاريخية من الألحان التي ساهمت في تكوين الوجدان العربي على مدى فترات تغيرت فيها أشياء كثيرة في المنطقة العربية، بينما ظلت ألحانه جامعا مشتركا بين شعوب المنطقة.
لم تكن رحلة عبد الوهاب سهلة في بداية طريق الفن الذي عشقه وذاب فيه. غنى وهو طفل صغير ألحان عبده الحامولي ومحمد عثمان والشيخ سلامة حجازي وسيد درويش على مسارح القاهرة. وعرف بالأمر أمير الشعراء أحمد شوقي فخشي عليه من استغلال المسارح واستصدر أمرا من حكمدار القاهرة بمنع ظهوره على المسرح. ظل عبد الوهاب يغني في الحفلات الخاصة ثم التحق بمعهد الموسيقى العربية وعمل مدرسا للموسيقى لبعض الوقت. إلى أن التقى بأحمد شوقي وجها لوجه في أحد الحفلات بالإسكندرية عام 1924 الذي استمع إليه هذه المرة وسمح له بالغناء، بل قرر أن يتبناه فنيا واهتم بإكمال تعليمه للغة العربية والشعر وكذلك الموسيقى الغربية والثقافة العامة. استمر شوقى فى رعاية محمد عبد الوهاب وتقديمه إلى صفوة المجتمع من المثقفين وأصحاب النفوذ إلى أن توفى عام 1932، وقدم له أشعاره التي لحن منها الكثير.
قبل هذا اللقاء كان عبد الوهاب قد التقى بسيد درويش بالصدفة على باب أحد المسارح وقدمته إليه مطربة القطرين فتحية أحمد، فاستمع إليه وأثنى على أدائه ثم أسند إليه دور البطولة الغنائية فى أوبريت شهرزاد عام 1921 وهو مازال فى السابعة عشرة من عمره. وباقتراب محمد عبد الوهاب أكثر من سيد درويش تعلم منه الكثير.
التقى أيضا عام 1923 بمحمد القصبجي أستاذ الموسيقى الشرقية وآلة العود بمعهد الموسيقى حيث تعلم على يديه العود وأصول المقامات، ثم درس أصول الموسيقى الغربية والتدوين الموسيقى بمعهد جويدين الإيطالى بالقاهرة.
شهد عام 1925 بداية اعتراف أوسع بمحمد عبد الوهاب عندما استدعته سلطانة الطرب منيرة المهدية وطلبت منه إكمال تلحين رواية كليوباترا التي لم يكملها سيد درويش قبل وفاته. كان هذا تحولا كبيرا فى  حياة وفن عبد الوهاب الذي اكتسب كثيرا من الثقة بالنفس وبدأ التلحين بخطوات ثابتة. لكن إكمال عمل لسيد درويش دفع عبد الوهاب للسير فى طريق سيد درويش، ليس فقط لتقديره للأستاذ، بل لأنه لو لم يفعل لفقد العمل وحدته الفنية وأصبح مزيجا من منهجين مختلفين. كان محمد عبد الوهاب يميل إلى الطرب بحكم نجاحه كمطرب، أما سيد درويش فكان يضع التعبير في المقام الأول فيما أطلق عليه المدرسة التعبيرية. لكن تأثر عبد الوهاب بسيد درويش استمر لعشرات السنين بعد ذلك.
عام 1933 قدمت السينما المصرية محمد عبد الوهاب في أول أفلامه "الوردة البيضاء"، ونجح الفيلم نجاحا كبير حتى أطلق اسمه على محلات القاهرة.
عام 1934 بعدها بعام واحد غنى عبد الوهاب لأول مرة فى ستديوهات الإذاعة المصرية عند افتتاحها
عام 1935 قدم محمد عبد الوهاب شيئا جديدا هو الموسيقى البحتة. فقد شرع في تأليف مقطوعات موسيقية بدون غناء واستمر في تأليف المقطوعات التي تهافت عليها هواة الموسيقى حتى تجاوز عددها 50 مقطوعة.
عام 1940 توقف عبد الوهاب عن الغناء الحفلات العامة وتفرغ للتلحين والغناء بالإذاعة والسينما، لكنه لم يتوقف غن إنتاج الاسطوانات لألحانه الجديدة.
عام 1940 أيضا بدأ عبد الوهاب في تقديم سلسلة "القصائد الكبرى" مثل الجندول، الكرنك، دمشق، لست أدري، كليوباترا، فلسطين، النهر الخالد، الروابي الخضر، دعاء الشرق
ساهمت هذه القصائد بصفة خاصة في تشكيل الشعور العربي حيث كانت تعرض قضايا الأمة وهمومها وتاريخها وحاضرها، وبدا محمد عبد الوهاب وكأنه يغني باسم ملايين الناس معبرا عن أحلامهم وآمالهم وطموحاتهم، ومستلهما التاريخ ليبث في المواطن العربي اعتزازه بهويته وتاريخه، وليبعث في نفسه الأمل في مستقبل أفضل.
في الخمسينات بدأ عبد الوهاب يلحن للمطرب الشاب عبد الحليم حافظ ولغيره في أجيال لاحقة، كما قدم عشرات من الأناشيد القومية أصبح العديد منها نشيد الصباح في المدارس خاصة في الخمسينات والستينات.
في الستينات والسبعيات توج ألحانه بعشرة ألحان لكوكب الشرق أم كلثوم.
عام 1990 عاد محمد عبد الوهاب للغناء بأغنية فلسفية من كلمات الشاعر مرسى جميل عزيز بعنوان من غير ليه، أعادت للأذهان تساؤله الفلسفي في قصيد "لست أدري" التي غناها في الأربعينات من كلمات شاعر المهجر إيليا ابو ماضي. 
روابط
محمد عبد الوهاب 1904 - 1991 
 خصائص فن عبد الوهاب
مراحل فن عبد الوهاب